المفسدة الأخيرة.. ألتقط الخيط فأذكر لكِ هذه القصة الواقعية.. فاقرئي.. وقرري: فتاة في العشرين مِن عمرها، وفي الثلث الأخير من الليل وفي غفلة مِن أهلها، بل وغفلة منها عن ربها -سبحانه وتعالى- تزينت وتجملت، ثم جلست أمام الكمبيوتر لتعرض نفسها سلعة رخيصة على حثالة مِن الساقطين عديمي الأخلاق مقابل مبلغ زهيد من المال وذلك من خلال (البال توك) وفجأة.. وبدون مقدمات.. وعلى مرأى مِن الجميع تسقط جثة هامدة! وتبدأ قصة النهاية..
أتاها الموت.. وهي متبرجة.. عارضة لمفاتنها على الرجال؛ فلم تستيقظ إلا وهي في "عسكر الموتى"! وكانت الخاتمة.. ترى كيف سيراها أهلها؟ وماذا ستقول لربها إذا بعثها على هيئتها يوم القيامة؟! فكل عبد يبعث على ما مات عليه. اللهم سلم.. سلم.
وهل تتمنى مسلمة لنفسها مثل هذه الخاتمة؟! تلك عقوبة مِن عقوبات التبرج.. وتلك خاتمة طبيعية لمن عاش على معصية الله -عز وجل-، ولم يراقبه، ولم يعظمه، ولم يقدره حق قدره.
وماذا بعد.. ؟!
أختي الغالية.. هذه كانت فضائل وبركات وخيرات الحجاب والاحتشام.. وتلك كانت عقوبات وأضرار وويلات التبرج والابتذال.. فهل آن لك أن تقرري بعد ما قرأتِ؟!
روي عن صفية بنت شيبة: "بينما نحن عند عائشة -رضي الله عنها- قالت: فذكرت نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة: إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل مِن نساء الأنصار أشد تصديقًا لكتاب الله ولا إيمانًا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل (نوع مِن الأكسية) فاعتجرت به (سترت رأسها ووجهها) تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتجرات كأن على رءوسهن الغربان".
فهل نقول: سمعنا وأطعنا؟ أم يكون حالنا: سمعنا وعصينا؟!
هل تكون هذه الكلمات بداية التغيير والعودة إلى الله -تعالى-، والندم على ما فات مِن تقصير في الحجاب أم تُقرأ كغيرها وتنسى؟!
أما لك عبرة في أختك "هدى".. ؟!
طلبتْ مِن بعض صويحباتها أن تخرج معها لشراء بعض الملابس، فقالت لها: عندي درس نذهب إليه سويًا ثم أذهب معك.. حاولت فلم يكن بد مِن الذهاب سويًا للدرس.. وبالفعل حضر الدرس وكان الشيخ يتكلم عن التوبة والرجوع إلى الله -عز وجل-؛ فأخذت في البكاء حتى انتهى الدرس، ولما همت بالخروج مِن المسجد أصرت ألا تخرج إلا بالحجاب الكامل، فأحضروه لها فلبسته في المسجد لتدلل على صدق توبتها ثم خرجتا سويًا.. وبينما يعبران الطريق صدمتها سيارة ففاضت روحها إلى الله -عز وجل- عقب هذه التوبة والعودة.. فهل مِن مجيب؟!
أختي الكريمة.. لقد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (اعْزِلْ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) (رواه مسلم)، وفي رواية: (نَحِّ الأَذى عَنْ طَرِيقِ المُسْلِمِينَ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني)، وهذا في الشوك والحجر، ونحوه مما يؤذي الأبدان؛ فكيف بما يؤذي القلوب والأديان -وهو أخطر وأشد-؟!
كم مِن شاب فتن بسبب النظر إليك؟!
كم مِن معصية أوقعتِ الرجال فيها ووقعتِ أنت كذلك؟!
بل كم مِن معصية تسببت فيها وعاد ضررها كذلك على أبويك ومَن سمح لك بالخروج متبرجة؟ وكيف ستكون نهاية هذا الطريق.. ؟!
ماذا لو رآك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقابلك في الطريق.. كيف سيكون لقاؤك بك ومقابلتك له؟! وماذا لو سألك عن الحجاب الذي أمرك به الإسلام.. ماذا سيكون الرد؟! وكيف سيكون عرضك على الله -تعالى-؟!
أسئلة تحتاج إلي إجابة.. ؟
أختاه يقول ربك: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) (طه:82).
اللهم احفظ نساء المسلمين واسترهن في الدنيا والآخرة، ووفقهن لما تحب وترضى.. إنك بالإجابة جدير، وعلى كل شيء قدير، وأنت نعم المولى ونعم النصير.
وصلِّ اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.