الطريق الثاني؛ طريق التبرج وعلى رأسه: إبليس -لعنه الله- ومَن تبعه مِن أعداء الإسلام، وكل مَن يريد للمسلمين التعري والتكشف وترك الحجاب.. إنه طريق التبرج.. طريق المعصية، ومِن ورائه أضرار ومخاطر كثيرة، منها:
التبرج معصية لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) (رواه البخاري).
التبرج يجلب اللعن والطرد مِن -رحمة الله-: قال -صلى الله عليه وسلم-: (سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُوجٍ، كَأَشْبَاهِ الرِّحَالِ، يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِمْ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ، الْعَنُوهُنَّ، فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ.. ) (رواه أحمد وابن حبان، وحسنه الألباني)، فهي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه أو تلبس الثياب الرقيقة أو الضيقة فكأنها عارية، وتعظم رأسها وتكبرها بتكويرها ونحو ذلك..
التبرج من صفات أهل النار: قال -صلى الله عليه وسلم-: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) (رواه مسلم).
التبرج نفاق: قال -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ نِسَائِكُمُ الْوَدُودُ الْوَلُودُ الْمَوَاتِيَةُ الْمُوَاسِيَةُ إِذَا اتَّقَيْنَ اللَّهَ، وَشَرُّ نِسَائِكُمُ الْمُتَبَرِّجَاتُ الْمُتَخَيِّلاَتُ وَهُنَّ الْمُنَافِقَاتُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُنَّ إِلاَّ مِثْلُ الْغُرَابِ الأَعْصَمِ) (رواه البيهقي في السنن الكبرى، وصححه الألباني).
فكما أن هذا النوع مِن الغربان قليل.. فكذا مَن يدخل الجنة مِن هؤلاء، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ) (متفق عليه)، ألا فأنقذي نفسك بطاعة الله مِن عذاب النار.
التبرج فاحشة: لأنه معصية لله -تعالى-، والشيطان هو الذي يأمر بالفحشاء وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الألباني)، وكم تضر مِن الرجال حينما تمر بهن؟!
التبرج سنة إبليسية: إذ هو الذي يأمر بمعصية الله -تعالى-، ومنها: كشف العورات (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا) (الأعراف:20)، إنه رائد الدعوة إلى كشف العورات، وتحرير المرأة مِن الستر والصيانة والعفاف.
التبرج من سنن اليهود والنصارى: فإثارة الفواحش ونشر الشهوات المحرمة هو أعظم أسلحة اليهود لتدمير الأمم والشعوب؛ ليتسنى لهم السيطرة على العالم، خاصة والمرأة هي أضر فتنة على الرجال، وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن مِن هذه الأمة مَن يتبع سنن هؤلاء فقال: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: (فَمَنْ) (رواه البخاري ومسلم).
والعجيب أن كتب أهل الكتاب قد ذكرت أن الله -سبحانه- عاقب "بنات صهيون على تبرجهن"، ففي الإصحاح الثالث مِن سفر أشعيا: "إن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهات برنين خلاخيلهن بأن ينزع عنهن زينة الخلاخيل والضفائر والأهلة والحِلق والأساور والبراقع والعصائب"؟
إذن لا تجد أبدًا إباحة للفحش والتبرج في أي من الكتب السماوية، بل الأمر بالاحتجاب والاحتشام فهذا نص واضح -"رغم تحريف هذه الكتب"- يدل على ذلك، وأضف إليه ظهور الحجاب في الصورة المزعومة لمريم -عليه السلام-.. فأين هم مِن ذلك؟! ليتهم التزموا بالأمر بالحجاب كما جاء في كتبهم!
التبرج جاهلية منتنة: قال -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) (الأحزاب:33)، وسنة الجاهلية موضوعة تحت الأقدام كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ) (رواه مسلم)، ومَن يحاول بعثها في الناس فهو مِن أبغض الناس إلى الله؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ) (رواه البخاري). فذكر منهم: (وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ).
والعجيب: أن تبرج هذه الأيام قد فاق بكثير تبرج الجاهلية؛ إذ ورد في تفسير الآية السابقة: أن المرأة في الجاهلية كانت تخرج تمشي بين يدي الرجال، أو أنها كانت تتكسر في مشيتها أو إنها كانت تلقي الخمار على رأسها ولا تغطي به قلائدها وعنقها.. هذا ما ورد في تبرج الجاهلية الأولى؛ فأين هو مِن تبرج نساء عصرنا؟! إلى الله المشتكى!
التبرج انتكاس وتخلف وانحطاط: إن الفطرة السليمة تنفر مِن التكشف والتعري؛ ولذا نجد الإنسان مع تطوره وتقدمه بدأ يغطي جسده شيئًا فشيئًا خلافًا للحيوان الذي ظل منكشفًا منذ خُلق إلى الآن، إذن فرؤية العري جمالاً هو انتكاس في الذوق البشري، ومؤشر واضح للتخلف.. ولذا مع التقدم المدني زاد التستر والاحتشام، فلِمَ يريدون لنا الآن العودة إلى عصور التعري.. عصور التكشف والتخلف؟!
التبرج باب شر مستطير:
فمع كل ما سبق فللتبرج مِن الشرور والعواقب الوخيمة ما يلي:
يؤدي إلى كثرة المعاكسات والجرائم والفواحش.
فساد الأخلاق خاصة عند الشباب والمراهقين.
المتاجرة بالمرأة كوسيلة دعاية أو ترفيه أو ترويج للسلع.
الإساءة للمرأة نفسها وإهانتها.
الإعراض عن الزواج وسيطرة الشهوات.
تسابق المتبرجات في الزينة حتى أصبحت المرأة سلعة مهينة لكل مَن شاء أن ينظر إليها.
تحطيم الروابط الأسرية وتفشي الطلاق وانعدام الثقة.
انتشار الأمراض.. خاصة الجنسية.
تسهيل معصية الزنا بالعين (فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ) (متفق عليه)، وتعسير غض البصر.
استحقاق نزول العقوبات العامة.
سبب لسوء الخاتمة.