كيف أنام وهذه قريتي وهذي أحوال أمتي؟ كيف أنام وأنا أسمع الجيران ينبعث من بيوتهم الغناء، وأسمع الجارة تشتم أبناءها بأبشع الشتائم وتدعو على أبنائها وبناتها أن يأخذهم الله ويبتليهم ليستريح قلبها؟ كيف أنام وأنا أرى من حولي خصومات ومشاحنات وقطيعة أرحام على أمور تافهة؟ وإذا جلست للدرس في المسجد بقي من الصف الذي لم يكتمل أربعة أو خمسة وانصرف الباقون إلى البيت!! إن العيب عندي لا عندهم هذه قناعتي وهذا يقيني.. لو كنت اهلاً للاستعمال على وجهه لكان الله ألف القلوب من حولي، وجمع الناس ليسمعوا ويتقبلوا مني النصح كما سمعوا الفجور والفساد منبعثاً من الأغاني والأفلام.
من أشد ما يؤرقني وأنا في طريقي إلى المسجد هؤلاء الشباب الذين أراهم واقفين على النواصي وفي الطرقات، ويركبون التكاتك والسيارات من الجنسين يسمعون الأغاني ويشربون الدخان، بل والمخدرات ويلبسون ثياباً يبرز مفاتن الفتيات وعورات الشباب ويتنابزون بالألقاب، ويسمعون صيحات التكبير برفع الآذان فلا يستجيبون، وبينما أنا أمر بهم أريد أن أتكلم معهم فإذا بهم يبادرونني بالسخرية فيما يشبه المسرحية: "تقبل الله يا شيخ".
وأحدهم يقول للآخر يقصد استفزازي: "متسبش الدين ياد يا دين ال.. يا للا بينا نصلي يا شباب أنتوا كفار ولاد دين.. ربنا هيحرقك بالنار يا كافر علشان مش مبتصلي، يا شيخ يا شيخ الواد ده مبيصليش، وبيشرب بانجو وبيمشي مع بنات.. وبيعمل"!
فتلجمني كلماتهم ولا أقوى على الكلام وأزداد إحساساً بالتقصير في حق هؤلاء، فأنا بمثابة الطبيب في الناس يرى المريض يفر منه وهو راغب في شفائه، وإذا اقترب منهم ليقدم لهم الدواء ابتعدوا عنه وسخروا منه وربما أهانوه بسبب كثرة الشائعات التي تنال من الدعاة والشيوخ، فتشوه صورتهم في أعين الناس!
وطائفة أخرى من الدعاة يسيئون بأعمالهم وتصرفاتهم إلى الدين وأهله، فينفر منهم الناس ويبغضونهم.
في منطقتي التي أسكن فيها عدد من المقاهي تفتح طوال اليوم، وبجوار كل مقهى مسجد أو هي بجوار المسجد، أمر على المقهى في طريقي إلى المسجد، أنظر في وجوه الناس الجالسين عليها من كافة المستويات ومختلف الأعمار، وأشعر برغبة عارمة في الجلوس إليهم والكلام معهم..
أشعر بأنهم مسؤولية في رقبتي أنا موقوف بين يدي الله يوم القيامة وهو سائلي: يا كارم يا عبدي أعطيتك علماً ومكنت لك في الأرض، فكان رزقك ومعاشك من دعوتك وكلامك، فماذا فعلت لتكون سبباً لصلاح الناس واستقامتهم؟ لا أجد جواباً ولا رداً، متى أكون أهلاً لاستخدام الله لي في إصلاح الناس؟
وكيف أكون سبباً في إصلاحهم وأنا أحتاج إلى إصلاح نفسي؟
أدخل المسجد فأرى المصلين لا يكملون صفاً واحداً بينما المقاهي تغص بالزبائن!
أتصفح صلوات المصلين فيهولني كم الأخطاء التي يقعون فيها.. أدل إلى الوضوء فأرى مهازل في الوضوء يقعون فيها..
أرى النساء حين يأتين إلى المسجد للصلاة فأنظر في ملابسهن فأرى خللاً ونقصاً وتبرجاً فاحشاً تبطل معه الصلاة، أشم رائحة العطر تفوح من النساء المصليات..
ورائحة الدخان تزكم الأنوف تنبعث من أفواه المصلين!!
أوااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه!
كيف أنام وهذه قريتي وهذي أحوال أمتي؟
كيف أنام وأنا أسمع الجيران ينبعث من بيوتهم الغناء، وأسمع الجارة تشتم أبناءها بأبشع الشتائم وتدعو على أبنائها وبناتها أن يأخذهم الله ويبتليهم ليستريح قلبها؟
كيف أنام وأنا أرى من حولي خصومات ومشاحنات وقطيعة أرحام على أمور تافهة؟
وإذا جلست للدرس في المسجد بقي من الصف الذي لم يكتمل أربعة أو خمسة وانصرف الباقون إلى البيت!!
إن العيب عندي لا عندهم هذه قناعتي وهذا يقيني..
لو كنت اهلاً للاستعمال على وجهه لكان الله ألف القلوب من حولي، وجمع الناس ليسمعوا ويتقبلوا مني النصح كما سمعوا الفجور والفساد منبعثاً من الأغاني والأفلام.
فاللهم أصلح قلبي واستعملني ولا تستبدلني.