الطاعة قرينها العز و المعصية قرينها الذل
قال الله عز وجل : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) [فاطر:10] .
وقال النبى صلى الله عليه وسلم : [وَجُعَلَتْ الذَّلَةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَف أمْرِى ] .
فالمؤمن عزيز ، والكافر ذليل ، والمبتدع ذليل ، والعاصى ذليل ولما جهل هذة الخاطرة رأس النفاق عبد الله بن أبى سلول .فقال كلمته الفاجرة فى غزوة المريسيع : لئن رجعنا إِلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . وظن جهلاً منه أنه العزيز ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشاه الله عز وجل من ذلك هو الذليل ، لُقَّنَ درساً لا ينساه أبد الدهر .
لما سمع بهذة المقالة الفاجرة عبدُ الله بن عبدُ الله بن سلول وكان من المؤمنين الصادقين ، وقف على باب المدينة وشهر سيفه والمسلمون يمرون من تحت سيفه ، فلما أراد أبوه أن يدخل قال : والله لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحتى تعلم مَنْ الأعزُّ ومن الأذلُّ . فلما استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ائذنوا له ، وقد علم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ولكن المنافقين لا يعلمون ، فلا أذل لعبد الله بن أبى من أن يمنعه أقرب الناس إليه ، وأبر الناس به ، حتى يعى هذا الدرس .
وكان الإمام أحمد يدعو : اللهم أعزنا بطاعتك ، ولا تذلنا بمعصيتك .
كان بعض السلف يقول : من أشرف و أعز ممن انقطع إلى من ملك الأشياء بيده .
قال بعض الناس : قتلنى حب الشرف - أى طلب الرفعة - فى الدنيا - فقال له أحد العلماء : لو اتقيت الله شرفت .
وفى ذلك قيل :
ألا إِنما التَّقوى هى العزُّ والكرم وحَـبُّـبـكَ للـدنـيـا هـُوَ الـذُّلُّ والسقمُ
وليْسَ عَلَى عَبْدٍ تـقى نَقِيْـــصَــةٌ إِذا حقَّقَ التَّقْوىَ و إن حاكَ أوْ حَجَمَ
وقال رجل للحسن البصرى أوصنى : فقال له : أعز أمر الله حيثما كنت يعزك الله حيثما كنت .
ووصف بعضهم الإمام مالك فقال :
يَدَعُ الَجوابَ ولا يُراجَعُ هَيْبَـةً والسَّــــــائلوُنَ نوَاكسُ الأَذْقــانِ
نُورُ الوَقَارِ وَعِزُّ سُلطانِ التقى فَهُوَ المهِيْبُ وليْسَ ذَا سُلْـطَــانِ
وقال الحسن البصرى : إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين ، إن ذل المعصية لفى رقابهم ، أبى الله إل أن يذل من عصاه
وهذة الخاطرة يستشعرها كل مؤمن فى نفسه ، فكلما وفق لطاعة الله عز وجل وجد العزة ، والاستعلاء على الشهوات ومحبة رب الأرض والسماوات وكلما عصى الله عز وجل ، أحس بالذلة فى نفسه ، كما قال بعضهم : إن العبد ليذنب الذنبَ سَراً ، فيصبح وعليه مذلته .
فنسأل الله تعالى أن يعزنا بطاعته ، وأن لا يذلنا بمعصيته .