أكمل حالات المؤمن أن يكون اشتغاله بطاعة الله عزوجل
والجهاد فى سبيله ، والدعوة إلى دينه ،
والله عز و جل يسوق له الرزق
وهذة حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان داعياً إلى توحيد الله عز وجل باللسان والسيف ، والله تعالى يسوق له الرزق
كما قال صلى الله عليه وسلم [ وجُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلَّ رُمْحى ] .
قال عمر بن عبد العزيز :إن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم هادياً ولم يبعثه جابياً . فكان صلى الله عليه وسلم شغله بطاعة الله عز وجل والدعوة إلى توحيده ، وما يحصل فى خلال ذلك من الأحوال من الفىء والغنائم ، فيحصل تبعاً لا قصداً أصلياً ، ولهذا ذم من ترك الجهاد واشتغل باكتساب الأموال ، وفى ذلك نزل قوله تعالى : (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [ البقرة : 195 ] لما عزم الأنصارعلى ترك الجهاد ، والاشتغال بإصلاح اموالهم وأراضيهم .
قال النبى صلى الله عليه وسلم : [ إذا تَبَايْعتُمْ بِالعِيْنَة ، وَاتََّبَعْتثم أذْنابَ البقَرَ ، وَتَركْتُمُ الجِهَاَدَ ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاً لآ يَنْزَعْهُ اللهُ منْ رِقابِكمْ ، حتى تُراجِعْوا ديْنَكُمْ ]
قال مكحول : إن المسلمين لما قدموا الشام ، ذكر لهم زرع الحولة فزرعوا ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه فبعث إلى زرعهم وقد ابيض وأدرك فحرَّقه النار ، ثم كتب إليهم : إن الله جعل أرزاق هذة الأمة فى أسنة رماحها ، وتحت أزجتها ، فإذا زرعوا كانوا كالناس . خرجه أسد بن موسى .
وقيل لبعضهم : لو اتخذت مزرعة للعيال ؟ فقال : والله ما جئنا زارعين ولكن جئنا لنقتُل أهل الزرع ونأكل زرعهم .
فالله عز وجل خلق المال من أجل أن يستعان به على طاعة الله عز وجل وتوحيده ، فإذا استعمله المشركون فى المعاصى والصد عن سبيل الله عز وجل سلط عليهم عباده المؤمنين فانتزعوه من أيديهم ، وعملوا فيه بطاعة الله عز وجل ، ولذلك سُمى الفىء فيئاً لأنه يعود إلى أصحابه الحقيقين ، الذين يستعملونه فى طاعة الله عز وجل .
قال النبى صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ كَانَت الدُّنيَا همَّهُ فرَّقَ اللهُ عَليْه أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ فقْرهُ بَيْنَ عَيْنَيه ، وَلَمْ يَأته مَنْ الدُّنيا إلا مَا كُتِبَ له ، وَمَنْ كانت الآخرة نَيَّتهُ ، جَمَع اللهُ لَهُ أَمْرَهُ ، وجَعَلَ غِنَاهُ فى قَلْبِهِ ، وأتَتْهُ الدُّنْيا وَهِىَ رَاغِمَةٌ ]
وعن ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعاً [ مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ همًّاً واحداً : همَّ آخِرَته ، كفاهُ اللهُ هَمَّ دُنْيَاهُ ، ومَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الهُمُومُ فى أحْوالِ الدُّنْياَ لّمْ يُبالِ اللهُ عزَ وجلَّ فى أى أوْديِتهَا هَلَكَ ]
وفى بعض الآثار يقول الله تعالى : يا دنيا إخدمى من خدمنى واستخدمى من خدمك .