yaser
عدد المساهمات : 283 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: قبل أن تغرق السفينة الأربعاء أغسطس 12, 2009 11:12 pm | |
| بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه ..وبعد :
لم يعد من الغريب أن نسمع عن شاب فشل في دراسته أو عمله وتجارته ،أوانتكس بعد بدايته
في طريق الالتزام بسبب دخولٍ ـ غير مقصود ـ إلى موقع من المواقع الإباحية ، بل لقد صرنا نسمع
عن شباب أوشكوا على ترك دين الإسلام تمامًا بسبب شيء من هذا ،
ولكن من الغريب ما سمعته قريبًا عن رجل صالح قد قارب الستين من عمره وهو فوق ذلك من
المشاركين في الخير والأعمال الصالحة منذ شبابه فهو يعتلى المنابر ويكثر من التذكير والوعظ
ووصف الجنة والنار والاستعداد للموت وأشباه ذلك من المعاني التي ترق لها القلوب وتدمع لها العيون
للأسف سمعت عن ذلك الرجل الصالح أنه الآن أسيرً لهذه المواقع ـ رغم ما ذكرته من حاله
ـ نسأل الله لنا وله ولجميع المسلمين العافية .
قفزت إلى ذهني صورة ذلك الرجل الصالح حين قرأت ذلك التعليل الباهت البارد تجاه رفض تطبيق
حكم المحكمة الدستورية العليا بإغلاق المواقع الإباحية على الانترنت حيث عللت ذلك بأن العلاج
لمشكلة المواقع الإباحية ليس إغلاقها وإنما هو تربية الشباب على القيم والأخلاق !!!
فهم يقولون مثل ذلك في أمرهم بالتبرج وحربهم على الحجاب ودعوتهم للاختلاط في المدارس
والجامعات وتحريمهم للختان والزواج المبكر وغير ذلك .
ولن أتساءل أين الآن تربية الشباب على القيم والأخلاق ؟! ولن آمر أحدًا بمطالعة وسائل الإعلام
لأن هذا بطبيعة الحال من الأمر بالمنكر ، ولكن أقول لماذا نضع شبابنا في هذا الامتحان الصعب
الذي فشل في النجاح فيه حتى الشيوخ من كبار السن حتى العبَّاد منهم ،
ولمصلحة من نخسر كل هؤلاء الضحايا ؟!
هل نسينا ما فطر عليه الإنسان من الميل إلى الشهوات وما أمرنا الله عز وجل من سد الذرائع لكل
ما يفضي إلى الفاحشة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ
فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) [النور : 21].
إنني لا أجد أصدق من قول الله عز وجل في وصف حال هؤلاء فتأمل كل كلمة من هذه الآيات
وانظر إلى واقع هؤلاء لتعلم أن في كتاب الله تعالى الشفاء لكل داء ، قال تعالى : ( يريد الله ليبين لكم
ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم * والله يريد أن يتوب عليكم
ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلًا عظيمًا * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفًا ) .
أخي الحبيب : أرجوك ! أعد قراءة هذه الآيات ثم تأمل في مدى مطابقتها للواقع .
لقد جاءت هذه الآيات في سورة النساء وهذا له دلالته ، ثم لقد جاءت في سياق الآيات التي تحض على الزواج
وترغب فيه وتجيز للفقير الذي لا يملك ما ينكح به الحرة أن يتزوج أمة إذا خشي العنت والمشقة
من ترك الزواج وهذا له دلالته أيضًا .
ثم يعقب الله تعالى بقوله : ( وخلق الإنسان ضعيفًا ) فدَّل ذلك على أن من أكبر مظاهر ضعف الإنسان ضعفه أمام الشهوة .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف
تعملون فاتقوا الدنيا وفتنة النساء "أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي مسلمة عن أبي نضرة
وقال صلى الله عليه و سلم : "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" لفظ حديث شعبة
رواه البخاري في الصحيح عن آدم وأخرجه مسلم من أوجه عن التيمي
وقال صلى الله عليه و سلم " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء "
لفظ حديث غندر رواه مسلم في الصحيح عن بندار محمد بن بشار
هذا ولم يكن هذا هو التعليل الوحيد لرفض تطبيق حكم المحكمة ؛ بل هناك تعليل أكثر برودًا
وأشد سماجة حيث قالوا لا يمكن إغلاق جميع المواقع الإباحية ، ولا أدري أين ذهبت عقول هؤلاء
وأنا لا أتساءل عن تقواهم أو دينهم وانتمائهم وإنما فقط أتساءل عن عقولهم هل العجز عن القضاء
التام على المخدرات مثلًا يجيز لأجهزة الدولة التكاسل والتواني في ضبط ما يمكن ضبطه
ومصادرة ما يمكن مصادرته منها ؟!!!
فإن كانوا بالفعل لا يستطيعون إيقاف المواقع كلها فهل يبيح لهم ذلك أن يتركوا ما يستطيعون إيقافه منها ؟
أليس من الأجدى لنا أن نقلل هذا الفساد بقدر ما نستطيع ؟
ألا فليتق الله هؤلاء وليعلموا أنهم أمام الله موقوفون وعلى أعمالهم محاسبون .
وبعد فلا نملك ـ نحن الدعاة إلى الله ـ إلا ألسنتنا فلا يكف داعٍ إلى الله تعالى عن تحذير الأمة
من هذه الفتن ومن جميع الفتن ، فعن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه و سلم
من نوم وهو محمر وجهه فقال لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج
وعقد تسعين فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون فقال نعم إذا كثر الخبث "
أو قالت : " يا رسول الله يخسف بالأرض وفيها الصالحون ؟"
نسأل الله تعالى القدير أن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ، والحمد لله رب العالمين . | |
|